الأربعاء، 17 يناير 2024

يوم إعتدته

 

يوم كغيره من الأيام التى إعتدتها مؤخرا أو بمعنى أكثر دقة أرغمت عليها فى السنوات الأخيرة ، أغادر فراشى بعد قليل ليلى تخللته بعض الاغفاءات ، أوجه قلبى نحو ربى وأتضرع إليه فوحده يعلم ما عانيته وأعانيه ، إلهى أنت تعلم كيف حالى فهل يا سيدى فرج قريب ، أنهى طقوسى الصباحية وأرتدى ثيابى وأجلس منتظرة ...

صباحات الشتاء باردة رغم تلك الشمس التى تطل علينا مبتهجة وسط سماء صافية مخضبة بالزرقة ، ينتفض جسدى مرتعشا وتبتسم عينى فرحة برؤية السماء ، ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار .

يطرق أخى الباب ، يصحبنى إلى السيارة التى سبقنا أخى الأخر إليها ، ألتفت إلى الخلف فأودع " دومى " قبل أن أتركها طوال هذا اليوم ، نغلق الأبواب جيدا و نزلف إلى السيارة ، ننتظر دقائق حتى تفيق من نومها وتدب فيها الحياة ، أجلس فى المقعد الخلفى ترافقنى حقيبتى ، ينطلق أخى بالسيارة بجانبه أخى الأخر يتجاذبان أطراف الحديث ويمزحان معى ، ننعطف يسارا إلى شارع يسير بنا نحو الكورنيش ثم ننعطف يمينا ونسير بمحاذاة النيل ، الطريق كعادته يتلوى ونحن نتمايل معه ، نمر بمزلقان السكة الحديد فتتأرجح بنا السيارة ، ننعطف يسارا فيمينا فنمر على قرية مازالت ناعسة ثم تبدأ الرحلة فى طريق يبدأ بكوبرى فى بلد الألف كوبرى ، نزلف إلى طريق أخر تتلقفنا فى مطلعه دائرة المرور ، على جانبى الطريق يصطف الباعة ، يبتغون الرزق فى وقت علا فيه الغلاء فأصبح فاحشا حتى ما يكاد الناس يجصلون قوتهم ، فالحاجة مذلة والجوع لا يرحم ولا يستطيع أحد تحمل نظرة صغير يبكى وجعا أو جوعا ..

الصحراء ممتدة على جانبى الطريق ، كثبان رملية وكتل صخرية بألوان متدرجة وراع تبحث أغنامه عن شئ يسد جوعها ...

تسقط من عينى دمعة لا أعلم أهى بسبب النسمات الباردة التى تلفح وجهى أم بسبب ما جرى فى تلك السنوات وما عانيته من خذلان من أقرب من وثقت فيهم يوما .

الحياة مثل هذا الطريق ، لا تسير فى خط مستقيم بل هى كأفعى تتلوى وتمكروتخادع ، مراحل ومحطات وعندما تقبل محطة أحدهم يغادرنا عندها ، نفقد أناسا وينضم إلينا أخرون وكل منهم يحفر فينا أثاره ويترك فينا علاماته ، لكن طريقى مختلف ربما لن تقابله أو تسمع عنه فى حياتك فكل من لقينى حُفرت فيه اثارى حتى سحرته فما عاد لديه أى قدرة على التخلص منى فأصبح كفيروس يتفشى ، يبغى التسرب داخل مسامى حتى يحكم سيطرته على كل حياتى فأصبحت كمختبر لكل تلك الأوبئة التى خلفها كل من إلتقيته يوما ..

شردت فإذا بى أفيق وعينى تصطدم بأسوار القلعة ومشيخة الأزهر ثم يسحبنا زحام القاهرة معه ، مر الطريق كأنه طرفة عين فى شريط من الوجع والقسوة تصطف أحداثه فى صفوف متوالية ، تعرض كلها فى عرض واحد ، كل وجع يلقى بى للذى يليه حتى أصبح وقت غيابى عن الدنيا أكثرمما عايشته فيها وكلما أفقت وجدت الأمر أشد سوءا من سابقه فأحزن أنى أفقت وأود لو مكثت هناك دون عودة .

المكان هنا يعرفنى وأعرفه ، أحارب فيه ويحارب معى ونقاتل سويا أعداءنا ، عدة مبانى لكنى دوما أسحب إلى مبنى واحد ،  الناس هنا ودودون رغم أن منهم من يسرب أخبارى ويفشى أسرارى لكن أكثرهم يدعمنى ويتلقانى بوجه بشوش ، بدأت فيه رحلتى وأول يوم خطوت فيه إليه أجريت أولى العمليات الجراحية التى لازمتنى بعد ذلك وحياتى بعد ذلك اليوم غير تلك الحياة التى كنت أحياها تماما ، عايشت فيها كل ألم قد يخطر ببالك أو لا يخطر لكنه قدر الله وأقدار الله نافذة .

ينقضى اليوم بعد أن اختلت نبضات قلبى وأخترقت عروقى كميات من الحقن حتى كادت روحى أن تنسحب منى فأوقف الطبيب الجرعة وسمح لى بالمغادرة ، أغادر بروح كنت أظنها يسعدها العودة لكن اليوم ليس كالأمس فما كنت أقاتل على القيام به سابقا اليوم ما عدت ألقى له بالا فما هنا أو هناك إلا سلسال من الأوجاع والضغوط المسلطة على ولا أملك سوى اللجوء إلى الله عسى أن يهبنى عفوا .

السبت، 14 أكتوبر 2023

عنده ضيوف

 

قضيت أجازتى الاسبوعية أتابع تلك الأحداث الدامية والاعتداءات المتوالية للكهيان الصهيونى المحتل على اخواننا فى فلسطين ويصحب ذلك اعتداءات موازية على سوريا ولبنان ، الفيديوهات المتلاحقة والأخبار المتواترة والدماء التى غطت كل شئ ، صرخات الأطفال وبكاء النساء وأنين الرجال ، الجثث المنتشرة والأشلاء التى عجت بها الشوارع ، الحرائق والأدخنة المشتعلة ، المبانى التى صارت خرابا ، وعالم لا يرى إلا بعين يهود ولا يحكم إلا بلسان صهيون وموقف عربى مخزى كالعادة وكأنها معركتهم وحدهم  .

بدأت اليوم بشراء احتياجات المنزل ثم وضعت تلك الكتب التى سأبدأ أو أواصل قرائتها أمامى وفتحت حاسوبى وجهزت بعض أوراق عسى أن أدون شيئا ، كتاب متخصص فى مجال عملى برفقة كتاب خفيف صدر مؤخرا عن دار الكرمة للكاتب الرائع : عمر طاهر ، تحت عنوان " عنده ضيوف ... حكايات صديقة للبيئة " ، ما يحدث جعلنى غير قادر على التركيز خلال الأسبوع فى عملى فلم أستطع إنجاز أى شئ سوى متابعة القليل ولنفس السبب نحيت الكتاب المتخصص فى مجال عملى وأمسكت بالكتاب الخفيف لقرائته فتملكنى حتى انتهيت منه قبل دخولى للنوم .

الفيديوهات التى يقوم بنشرها الاستاذ عمر طاهر عبر قناته على اليوتيوب وعلى صفحته على الفيس بوك تجعلك عندما نقرأ ما كتبه فكأنك تقرأه بصوته هو فكأنه يجالسك ، يمنحك جلسة قراءة خاصة ، جمهوره الوحيد أنت ، كل انتباهه مسلط عليك وكل ما ينطق به موجه لك وحدك ، تشعر بالدفء والمودة والقرب ، لغته السلسة واستخدامه للتعبيرات المتداولة فى أحاديثنا اليومية بعيدا عن المغالاة والتعالى ، تلك الطريقة تشعرك بالصدق ، تجعل الكاتب مقربا منك كأنكما صديقان .

تجول فى هذا الكتاب مع نفسه وذكرياته عن دخوله الكتابه وأحواله ككاتب ، قص علينا شيئا يسيرا من سيرته الشخصية ، وعرج بنا على ليلته فى باكستان قبل أن يسترجع ذكرياته كحارس مرمى ومنها الى الفن والصحافة والكتابة  وأهلهم من فيروز الى سناء البيسى ، عمار الشريعى وعبدالرحيم منصور ، ميادة الحناوى ، وردة وبليغ ، باولو كويلو ، مارادونا و عادل امام ، ليالى الثورة واللجان الشعبية ....

وقبل أن ينتهى من كتابة يسدى لكل محب للكتابة نصيحة عظيمة " إدارة الوقت وتفادى التشتت يخدمان الكتابة ، يحتاج الواحد إليهما فى مهنة يجب أن يتفرغ خلالها لكتابة الظل لا الثمار ... "

استمتعت بالقراءة لذا أحببت أن لا تفوتكم المتعة !



الأربعاء، 27 سبتمبر 2023

العيادة

 

أعود من العمل مبكرا قليلا على غير عادتى ، أصطحب ولدى وننزل لموعد بعيادة العيون ، نصل قبل الموعد المحدد فنجد العيادة مازالت مغلقة فننزل الى السيارة ننتظر بها ، طال الانتظار فغادرنا السيارة نقف أمامها نستنشق بعض الهواء ، السيارات تمر مسرعة حولنا وأتابعها عسى ان أرى سيارة الطبيبة قادمة ، أمام المحال التجارية أعدوا حصيرا لأدا الصلاة ، تغرب الشمس ويعلو صوت المؤذن ( الله أكبر ... ) ، اسأل حارس العمارة فيخبرنى أن العيادة مفتوحة الأن ، فنصعد إليها ونجلس فى مرحلة تالية من الانتظار ، مناوشات بسبب أسبقية الحضور لتسجيل الأسماء أولا ، تزدحم الصالة والغرفة الأخرى برواد العيادة ، تدخل سيدة عجوز بصحبة فتاتين أحسبهما ابنتيها فأغادر مكانى وأطلب منها الجلوس ، أقف بالخارج بصحبة أخرين نواصل مراحل الانتظار ، تمر دقائق أخرى يشرد فيها خاطرى فى أشياء كثيرة لا أذكر شيئا منها الآن ، تقدم الطبيبة وتلقى التحية وتطلب منى الدخول ، تقدم مساعدتها السيدة العجوز أولا فأقبل ذلك راضيا ، أعاود الجلوس بجوار ابنى وتزدحم العيادة أكثر بالداخل والخارج ، على مقعد مساعدة الطبيبة جلست إحدى الفتيات منتظرة دورها ، تضع قدما فوق الأخرى وتحمل فى يدها بعض المسليات ، تطلب من احد الاشخاص غلق الباب بسبب مكيف الهواء ، يتمعض وجه البعض ويرضى البعض الأخر ، بجوار ابنى اصطفت مجموعة من النسوة لا تتوقف هواتفهن عن ملاحقتهن ، الحياة ومصاعبها واضحة جلية على الوجوه فتكاد الابتسامات تختلس حتى من الأطفال الصغار ....

يحين دورنا فى الكشف فنزلف إلى حجرة الطبيبة ونلقى عليها السلام ، تضحك مع صغيرى وتطلب منه أن يجلس على الكرسى المخصص للكشف ، ضع ذقنك هنا ، يشاكسها فى ردوده فتقول له لم تكن هكذا قبلا ، يجادلها كثيرا فتطلب منه أن يُقل كلامه فأطلب منه الاستماع لها حتى لا تغضب الطبيبة منا وتقوم بطردنا ، ينتهى من كشفه ويخبرها أنه يريد أن يصبح طبيبا لا لشئ سوى أن خط الأطباء سئ ولأن خطه فى الكتابة كذلك فيرغب أن يكون طبيبا ، تخبره أن خطها ليس كذلك وتقدم له ورقة ليرى بنفسها فيجيبها أن لا .. خطك سئ والدليل أنى استطعت قراءته ، انهاه عن الحديث ونتبادل المقاعد ..

تخبرنى أننى بحاجة إلى إجراء بعض التحاليل الطبية وبناء على نتائجها ربما أحتاج إلى المتابعة مع طبيب باطنة ، تواصل الكشف ثم تخبرنى بتغير قياسات النظارة وتطلب منى عدم خلعها مطلقا وأن أقلل التعرض للشاشات ، تعرف مسبقا طبيعة عملى ومقدار الوقت الذى أقضيه أمام الأجهزة والشاشات ، تقول لن أطلب منك عدم العمل لكن من الضرورى جدا تقليل التعرض للشاشات ، تجنب التعرض المباشر للهواء سواء من المروحة أو المكيف ، أغلق نافذة السيارة بجوارك أثناء القيادة إلا من مساحة صغيرة ، حافظ على ارتداء نظارتك حتى وأنت نائما وأسرع فى عمل التحاليل اللازمة ، نتحدث قليلا بخصوص العمل بشكل عام وأسألها عن أسرتها ثم أقدم لها الشكر ونغادر بعد أن طلبت منى أن أصب فى عينى قطرة مرطبة ثلاث مرات يوميا ....

الأحد، 3 سبتمبر 2023

كذبات صغيرة

 

كل الحكاية أنى كنت قد عزمت على تصفيف شعرى وعندما هاتفت الحلاق وجدت امامى بعض وقت الانتظار فشغلت نفسى قليلا بالعمل والتواصل مع البعض ، قرأت صفحات فى كتاب أطالعه حاليا برفقة غيره ولكن فى مجالات مختلفة ...

طبيبة تختص بالعلاج النفسى ، شقراء الملامح ، تبدو هائة وجذابة ، ابنتها بضع سنوات ، الزوج موظف حكومى كالمعتاد ، تنخرط فى تفاصيل مرضاها .

يهاتفنى الحلاق يخبرنى انه مازال لدى وقت أخر للانتظار لازدحام المكان ..

تحاول بذل النصائح مطالبة المترددين عليها بالالتزام بها ، مستمعة جيدة ، تحدد المواعيد بدقة ، تنزل الى الشارع حيث تبتاع الوجبات السريعة والمشروبات من مطعم بالقرب ، يمكننى أن أرسم صورة عامة عن حالها ومعاناتها دون إغراقك فى التفاصيل .

تمر مواقف حياتها التى عايشتها مع ما يحكى لها فخلاف الأم مع ابنتها يذكرها بخلافها الدائم مع امها وما يحدث مع طفلتها ذات ما كانت تفعله معها أمها وأمها تلقى اللوم على تصرفات والدها ...

فتاة ذات عينين خضراوين ، تجلس فى الحافلة ، غارقة فى التفكير وكأن كل الدنيا محملة فوق عنقها ، تغادر الحافلة وتنسى شنطة وضعت فيها حذاءها التى سترتديه فى الحفل التى قررت التسلل إليه بصحبة صديقتها ، تلتقين بشابين يافعين ، صديقتها تدعى أنها صحفية لإحدى المجلات ، تقص عليهم عن كتابات تنسبها لنفسها قد سمعتها مسبقا من أناس أخرين ، يتصنعون الضحكات ، تسمع الشبان يتهامسون بشأنهن ، يمنين أنفسهن بعشاء لم يعتدنه وليلة يتمنينها ...

الحكايات تتداخل والمشاكل تتشابك والصراعات لا تنتهى ، خلافات أسرية ، مشاكل وخيانات زوجية ، تناول للعقاقير والمواد المخدرة ، اكتئاب واختناقات نفسية وعادات خاطئة وكذب كثير ، تنغمس فى حكايا مرضاها حد الهوس ، تعرف أطراف الخلافات وتصطنع مواقف للالتقاء بهم والتقرب منهم ، تعيش حياة غير حياتها وربما هذه حياتها والأولى ليست بحياتها وربما الاثنتان محض خيال ...

أقف على البر الشرقى أمامى مياه البحر يغرقها سواد الليل ، يشق الظلمة أنوار السفن واطلالات البلدان المقابلة ، منطقة شديدة العداء لبعضها ، تسير السيارة بين مدقات صعودا ونزولا ، أصل الى بلدة صغيرة ذات طباع قديمة ، يكدسون القش فى أكوام بالأماكن المتسعة ، ثم يحملونه بالاندساس تحته وحمله فلا يظهر منهم أثر فتحسبهم أكوام قش تتحرك ، يفتحون مزاليج الأبواب ثم يتسللون إلى الداخل فيغيبون فى الظلام ...

النجوم تتساقط من السماء تغرق فى ظلمات البحر فيتناثر منها النسيم الرطب ، ألمح نجمة تقف وحيدة على سطح الماء يذرف من عينيها الدمع ،  انزع ثيابى ، ألقى بنفسى دفعة واحدة وسط المياه فتجذبنى إليها ......



الجمعة، 1 سبتمبر 2023

يا عزيزى إنها حياتك أنت !

 

الحقيقة أن السر يكمن فيك أنت ، ذاتك ، رؤيتك للأشياء ، قرائتك لما يدور حولك وما يحدث ، نظرتك للشئ واستيعابك للموقف هو ما يقرر التصرف الذى ستقوم به تجاهه بعد ذلك ، فقط تحتاج أن تصمت قليلا ، تهدأ ، تراجع التفاصيل الصغيرة ، تتغافل عن بعضها أحيانا ، تستعيد بعض ما أهملته ، تحذف وتضيف ، تعيد ترتيب الأماكن داخلك .

الصراع داخلك سوف يهدأ ويقل تدريجيا وبمرور الوقت كل شئ كان غامضا سيتضح أمامك وتدرك ماهيته وكيف تتعامل معه  ..

الحقيقة أن السر كلمة واحدة " الحدود "

اقرأها مرارا ، مررها امام عينيك ، رددها على مسامعك ، ثبتها فى عقلك ، افحصها ، استخرج ما وراءها وماذا تعنيه ، لماذا وجدت وما محتوياتها ؟ ، ستجد أنك كنت تفكر أكثر من اللازم ، تقلق أكثر من اللازم ، تتخطى أكثر من اللازم ، وتسمح لغيرك بالتخطى أكثر من اللازم ، وأنك سجنت نفسك داخل قوقعة غيرك وأغلقت فوهتها عليك فلم تستطع منها فرارا ..

آفة البشر الفضول وقليل من عافاه الله منها ، الانغماس فى أحاديث الناس وحكاياتهم الشخصية وتفاصيل خلافاتهم ومشاكلهم يغرقك فى دائرة مفرغة فلا مشاكلهم تنتهى ولا صراعاتهم تهدأ ولا كلماتك تجدى غير أنك تصاب بأضرار بالغة .

العمل هو الحل لهذه المعضلة ولأكثر معضلات الحياة ، الفراغ قاتل كنار تنهش كل ما يلقى فى طريقها ، الانشغال ببناء الذات وإصلاح ما بها من عيوب وإغلاق فجواتها ، تنمية وتطوير الذات يبدأ بجلسة هادئة مع النفس تحصر فيها احتياجاتك ، ومذكرة صغيرة بجيبك تدون فيها كل ما يخطر ببالك أنه ينقصك ، وتضع خطة تسجل بها خطوات السعى اللازمة للوصول إلى أهدافك ، وتضع علامات على كل ما انتهيت منه وأنجزته لتنتقل إلى غيره من الأهداف ولا تنسى أن تقيم ذلك دوريا ، العمل الجاد هو الحل .

ستحتاج أن تقرأ كثيرا وتستمع أكثر، تقرأ عن كل شئ وتستمتع إلى صوت كل شئ من حولك وليس بداعى زج أنفك فى أحاديث الناس وتفاصيل حيواتهم وأمورهم الخاصة ولكن بقصد المعرفة التعلم واكتساب المهارات والخبرات التى تنقصك ، فكل ما نلتقى به فى حياتنا يحمل فى جعبته رسالة من الله إلينا ولذا وضعه فى طريقنا حتى لو كنا نظن أنه يحمل الشر ، فلولا الشر ما علم للخير فضلا ولولا المر ما عرف مذاق الحلو .

الخميس، 31 أغسطس 2023

لو كان بامكاني اخبارك شيئا واحدا فقط -( 1 ) كتاب لــ ريتشارد ريد

 

إن أحد أهم الأشياء هو رؤية الناس ، رؤية الشخص الذى يفتح لك الباب ، الشخص الذى يصب لك قهوة ، كن ممتنا لهم وأظهر لهم الاحترام .     

بيل كلينتون

لم تعد نسبة المائة بالمائة كافية اليوم ، امنح المائة بالمائة ثم انتقل عبر هذه الحدود الى ما هو أكثر مما يمكنك القيام به ، عليك أن تخوض طريقا غير معروفة ، إلى حيث لم يذهب أحد من قبل لأن هذه هى الطريقة التى تتحرك بها الحضارة إلى الأمام ، المائة بالمائة غير كافية ، نسبة المائة والخمسيئن بالمائة جيدة بما فيه الكفاية .

مارينا ابراموفيتش

ما عليك القيام بهو هو العيش ليومك ، عليك ان تقول : الحياة هى الآن ، فى هذه اللحظة بالذات ، المر ليس غدا ولا بالأمس ، إنه الأن ، لذا عليك أن تعيش بشكل كامل قدر الإمكان ، استثمر فى كل يوم .

تيرى ويت

السر يا حبيبى هو أن تحب كل من تلتقى بهم ، منذ اللحظة التى تقابلهم فيها ، أحسن الظن بالجميع .... ولكن تخلص من اى وغد يخذلك .

جوانا لوملى

إن العمل أكثر متعة من المرح .

نويل كوارون

اعمل بجد .

ستيفن فراى

تعتمد جودة حياتك فى النهاية على نوعية علاقاتك ، ليس على إنجازاتك ، وليس على مدى ذكائك ، ولا على مدى ثرائك ، لكن على جودة علاقاتك ، والتى هى فى الأساس انعكاس لشعورك بالاحترام ، وقدرتك على التفكير فى الأخرين وكرمك ، وفى نهاية حياتك إذا كان الناس سيثنون عليك فيقولون كم كان إنسانا رائعا وحين يتحدثون عن الكائن البشرى الذى كنت عليه لن يكون ذلك بسبب حسابك المصرفى الكبير ، لن يكون كذلك حقا ، سيكون الأمر عن كيفية معاملتك للأشخاص من حولك وكيف كنت تجعلهم يشعرون .

إستر بيرل

تساءل حول كل شئ ... وإذا لم تكن تشكك فى الأمور فلن تكون لديك معرفة ولا تعلم ولا ابداع ولا حرية اختيار ولا خيال ....

جستون بلومنثال

سوف تكون هناك لحظات دهشة فى الحياة حين يمكن أن ينبعث نور ما ، وحين تفكر فى نفسك " يجب أن أفعل هذا " ، أيا كان ذلك ، وليس لأن أحدهم قال أنه يجب عليك فعل ذلك ، بل لأنك تشعر أنك مجبر تماما على ذلك ، وسيكون هناك خطأ ما فى العالم إذا لم تفعل ذلك ، إذا عثرت على هذا النور استجب له وابحث عن أشخاص أخرين يشاركونك هذا الشعور ، ازرعه ، جد ذلك الهدف العميق فى حياتك ..

آنى لينوكس

أفضل نصيحة هى الاستماع ، الاستماع بدلا من الحديث ... على طول الطريق تلتقى بأناس أكثر ذكاء منك ، يعلمونك ما لا تعرفه بالفعل لذا أستمع إليهم وآخذ تلك الروائع وأمضى ...

سيمون كويل

نصيحتى لأجل النجاح تندرج تحت ثلاثة أشياء : ان تكون فضوليا ، أن تثبت وجودك وأن تبقى على اتصال ، عليك أن تواصل القراءة  والاستماع والكلام والتفكير واكتشاف كيف يفكر الناس ، ماذا يفعلون ، وتعقب أى شئ يبدو مثيرا ..

أرى ايمانويل

من الأجدى دائما أن تجيب على الطرق على الباب ...

علينا استعادة الفوائد العميقة فى إيجاد البهجة فى اختلافنا الجماعى وليس الخوف ...

هارى بيلافونت

الحواجز الوحيدة الموجودة هى فى رؤوسنا ، نحن نخلقها ، نغذيها ونختار أن نبقيها حية .. الثقة والسعادة ليستا حظا أو شيئا يمكن فقط لبقية الناس أن يحظوا به ، إنها قرارات تتخذها وتنطوى على عمل جاد وإلتزام وإيمان بأنك تستحقها بالفعل ...

كاتى بير

هناك دائما شخص ما يمكنه القيام بما يمكنك القيام به ، لذا كن متأكدا أن تكون أول من يقوم به ، قبل أن يقوم به الأخر ، عليك ان تستيقظ باكرا كل يوم لتبلغه ...

مايك بلومبرغ

عليك أن تؤمن دائما بأنك حين تحسن من نفسك يمكنك تحقيق أى شئ ... ولا تنسى ستأخذك قدرتك الطبيعية بعيدا فقط ، لكن لا بديل عن الممارسة ...

أندى موراى

كل الاجابات التى نريدها موجودة داخلنا ، عش حياتك الخاصة واسلك طريقك الخاص ... إذا كان مهمتك أن تكون مثل أبويك إذا فلا طموح لديك ...

ماكى مانديلا

الحياة غريبة وقد تكون عشوائية لذا عليك أن تتعلم كيف تتأرجح ، عليك أن تكون منفتحا على ما يربكك نوعا ما ، وعلى ما تشعر بالفضول تجاهه وليس فقط على ما كنت تحبه من قبل ..

ماريو تستينو

إن الحياة متعلقة بالقيام بما هو صواب فى يوم عصيب حين لا يكون هناك من يراك ... لذا تأكد دائما من أن تكون صادقا مع نفسك واحرص دائما على القيام بما هو صواب .

لوسى جايلز

إن ابسط إنسان هو ملئ بالعطايا والمواهب فوق ما تتخيله ، أحب هؤلاء مثل نفسك ، أولئك الذين يعيشون على هامش المجتمع لا يحتاجون لأن يحل أحد مشاكلهم نيابة عنهم ، هم فقط يحتاجون لأن يمنحوا الفرص ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم ...

ألكسندر ماكلين

لا تدع الأخرين يحددونك ويحددون حياتك ، لا تكن محددا من خلال توقعات الأخرين عنك ، لا تكن محددا بالوقت ولا بما أنجزته حتى اللحظة لأنه ينتمى إلى الماضى ، ولا بطموحاتك لأنها تنتمى إلى المستقبل ، تناغم مع ذاتك وحددها بأن تكون ذاتك الحقيقية الأصيلة فى كل لحظة ، اكتشف الأشياء التى تجلب السعادة لروحك وقم بها .

نيتين سوهنى

تعلمت باكرا أنه حين تحدث الأشياء السيئة فبإمكانك إما تركها تتغلب عليك ، أو النهوض لمواجهتها وإذا فعلت ذلك فسيكون بإمكانك دائما قلب الأمور ..

مهما كان الأمر سيئا ليس هناك وضع اكبر منك ، أمامك دائما ثلاثة خيارات : بإمكانك تغيير الوضع ، تقبل الوضع أو تغيير الطريقة التى تنظر بها له ، والقوة بين يديك لاختيارأيها افضل بالنسبة لك ، لا تسمح أبدا لشئ ما أو أى شخص ما أن يصبح عنوان كتابك . أبدا .

جو مالون



الثلاثاء، 13 يونيو 2023

عش اليمام

 ينهكها البحث فتجلس على حافة النافذة وترتاح ، يغلبها النعاس فتنام ، تشعر بسكينة وهدوء وطمأنينة ، تقرر أن تكون تلك النافذة مقرا لعشها ، تضع فيه بيضها ، تتوارى فيه عن الأعين رغم أن الجيران أصواتهم مزعجة ودوى أوانيهم لا يكف وطنين صغارهم لا يهدأ .

النافذة دوما مغلقة ، يعلوها مكيف هواء للساكن بالطابق العلوى ، ينسال منه الماء قطرات متتالية ، تسرع حينا وتهدأ حينا ، حاولت قدر الاستطاعة الابتعاد بالعش عن ممر المياه المنسالة ، توالى البيض حتى خرجت منه صغارها ، تغدو وتروح تأتيهم بالطعام ، تحرسهم من كل أذى قد يلحق بهم .


عيون تتلصص من خلف النافذة ، تجد عشان بيه بيضتان ، تغلق النافذة برفق حتى لا يسقط العش ، توالى العيون العش بالمتابعة وابتهجت تلك العيون الصغيرة عند رؤيتها الصغار وقد كسرت ذلك الحاجز الابيض وظهرت للنور ، كأنه خرجت لتوها من مياه كادت أن تغرقها .

تحرص الأم على إطعام الصغار والعيون الصغيرة تحرص على المتابعة ، يتبدل الريش ويوما بعد يوم يكبر الصغار ، تحل رياح شديدة ومعها زخات من المطر ، تبتعد الأم ويطغى الخوف على أفئدة الصغار ، تشتد الرياح تحمل معها الكثير من الأتربة ، تخلع معها أشياء كثيرة والصغار يحاولون الاحتماء بالعش ، الأمطار تداهم ، العيون التى كانت تراقب بصمت آن وقت تحركها ، تفتح النافذة ويحمل الصغار الى الداخل ، الجوع كان أقوى من الخوف .

رعاية صغار اليمام انتقلت تلقائيا من أمهم إلى أم الأطفال وعشهم استبدل ببيت جديد ومأوى لم يعتادوه بعد ، الصغار يرعون صغار اليمام والمسئولية أصبحت معلقة فى عنق الجميع ، الأكل والشرب والتدفئة والاضاءة ، يصحب الطفل الصغير أمه وهى تطعم صغار اليمام ويلهو مع اليمام وتمتلأ عينه بالبهجة ، الفرح باد على ملامحه ثم يحين الموعد ..

الطفل يمسك بألوانه الخشبيه وأوراقه البيضاء ، اللوحة الأولى يمامة كبيرة وبجانبها بيضتان ، ولوحةأخرى البيض مكسور وبجانبه يمامتين صغيرتين ، والثالثة سيدة تطعم اليمام وبجانبها صغيرها يلهو ، وفى اللوحة الأخيرة قطعتى لحم .... ثم بكى !

السبت، 20 أغسطس 2022

وأشرقت الشمس من جديد

 

أدور عائدا إلى الخلف ، قلق يراود قلبى وكأن شيئا سيحدث ، لم تنتهى الكلمة من خاطرى حتى شاهدت إطار سيارة غادرها يجرى مسرعا نحوى ، تنحيث جانبا متحاشيا اصطدامه بى ، وجدت السيارة تعقبه مترنحة يمينا وشمالا يحاول قائدها التحكم لكن السرعة التى كان يسير بها منعته من القدرة على التحكم الجيد ، سيارة أخرى مسرعة لم ينتبه قائدها للسيارة منزوعة الاطار فحاول تفاديها يمينا عندما فوجئ بها لكن المقطورة التى كانت تخلفه اصطدمت به وانقلب الجميع فعلت النيران .

الصدمة جعلتنى أصاب بالهلع ، لم تتحملنى قدماى ، جلست على حافة الطريق محاولا إلتقاط أنفاسى ، يفزعنى فوج من الناس يجرون قادمين ، ما ويح هذا اليوم ؟ ، أفاجئ بينهم صغيراى وابن عمهم فى زمرة الفارين ، أجذب بأيدى أولادى وابن عمهم وإلتقطهم من وسط الفارين ، أتنحى بهم إلى طريق جانبى ، يجرى صغيرى فأدفع بالأخرين نحو صاحب لى لم أعرف كيف جاء بجوارى فى هذا الوقت وأجرى نحو الذى فر أمسك بيده وأعود به وأصحب الجميع شاقا غابة من الأشجار السوامق ، دقات القلب كأنها مطارق ..... أستيقظ على صوت الهاتف .

لا أعلم سبب ما رأيت فى نومى ، ألهذا علاقة بإصابة أحد الصبيه فى عينه أثناء لعبه مؤخرا ، أم لهذا علاقة بما انشغلت بقرائته مؤخرا " وأشرقت الشمس من جديد " الكتاب الذى يروى حياة السجين الأمريكى الأشهر والذى قضى ما يزيد عن الثلاثين عاما فى طابور الاعدام فى جرائم لم يرتكبها " انتونى راى هينتون " ، وظل يقاتل ويقاتل ولم يفقد الأمل وحافظ على صموده منذ ألقى فى السجن عام 1985 وحتى تم تبرئته عام 2015 فى رحلة قضى فيها فى طابور الاعدام بالسجن أكثر من الوقت الذى قضاه خارجا ، ماتت أمه فى انتظار عودته إلى البيت ، وأعدم من زملائه أربعا وخمسينا سجينا ، الله وحده يعلم كم منهم كان بريئا ، ذنبه الوحيد أنه كان أسودا فقيرا لا يملك سلطة ولا مال فى مجتمع أبيض عنصرى يعامل الناس على حسب ألوانهم وقدر أموالهم وحجم نفوذهم ، آمنت به أمه حتى عاجلتها الوفاة وبقى بجانبه صديق طفولته " ليستر " حتى نال براءته وقاتل معه ولما يزيد عن خمسة عشر عاما محاميه " برايان ستيفنسون " بعد أن ضاعت قبلها مثلها من الأعوام مع أناس خطأ .

من فتى يملك أحلاما بسيطة ، أمه هى كل حياته وغاية حلمه أن يقتنى سيارة يطوف بها البلاد برفقة من يحب ، ليس انسانا بلا أخطاء ولكنه انسان كغيره أخطأ وحوسب ولكنه فى هذه المرة يعاقب عن جرائم لم يرتكبها وأفعال لم يأتها ولم يعرف أصحابها سوى مما كتب عن تلك الجرائم فى الجرائد لكنك فى حياتك تصطدم بأناس كل همهم اثبات أنك مخطئ وأنك لابد أن تعاقب وأنه بسبب لونك لو لم تكن أنت فاعلها فأحدهم له نفس لون جلدك وسمات فقرك عملها فأنت وهو سيان ولا فرق أن تنال العقاب بدلا من أخيك ، البعض يخشى الاعتذار ويقضى عمره يتهرب من أخطائه ولا يعترف أبدا من أجلها بل ويقاتل ليثبت أنه كان على صواب ويدفع كل ما يمتلك من أجل ذلك حتى لو كان نتيجة ذلك اعدام أحدهم أو على الاقل سرقة سنوات شبابه .

ثلاثون عاما قضاها فى طابور الاعدام فى انتظار دوره ،  متى سيجر بعد منتصف الليل ويجلس على الكرسى الكهربائى ويغطى رأسه بكيس بلاستيكى أسود ويطلقون كهرباء بقدرة 2000 فولت فى جسده حتى يشم السجناء الأخرون رائحة شواء لحمه .

أينما وقع نظرك فى أى مكان على خارطة العالم لوجدت كما مهولا من المظلومين ومن المفترى عليهم والمسجونين قهرا والذين يتجرعون المعاناة ليل نهار ، لذة البعض فى مشاهدة معاناة الأخرين ودموعهم ودمائهم ، ينتشون عندما يرون هؤلاء يصرخون وجعا ، العالم ليس مكانا آمنا للحياة ، لم يجعله الناس أرضا صالحة للحياة ولكن لتجرع شهواتهم وملذاتهم ... رغم انهم ما خُلقوا لذلك ولكن غلبتهم أنفسهم فظنوا أن بإمكانهم التحكم فى مصائر الجميع وعليهم الانصياع لأمرهم أو ... ليس هناك خيار أن تقول نعم أو تموت .

ربما من شدة اندماجى فى القراءة وكأنى أعيشها مع صاحبها أجاوره فى غرفته وأتناول معه الافطار فى الثالثة فجرا والغداء فى العاشرة صباحا والعشاء فى الثانية ظهرا ونضع سويا ملابسنا تحت وسادتنا وننزع ألبستنا ونقف عرايا مفرقين بين أقدامنا للجان التفتيش ونبكى الليل ونشتم شواء لحوم زملائنا ، ربما سبب ذلك خوفى على صغارى من حياة لا ترحم ومصير غير معلوم وأم ما أسهل أن تنبذ أبناءها فى سبيل الحصول على جنيه واحد ! .



السبت، 2 يوليو 2022

بالحبر الأزرق

 

بالحبر الأزرق – م هشام الخشن

صدرت عن الدار المصرية اللبنانية

يأخذنا فى رحلة إلى العصور الخديوية وينزل بنا فى قصر الأمير مصطفى بهجت فاضل ونصحب ابنته الكبرى الأميرة نازلى ، تقودنا فى هذه الرحلة الممتعة " ليديا ستون " المربية البريطانية التى سردت لنا التفاصيل فبها ابتدأت الحكاية ومعها استمرت وبرحيلها انتهت .

تنقلب الدنيا فى لحظة وبعد رغد من العيش تصير بين ليلة وضحاها لا تملك ما يعيلها فتبحث عن أى عمل تقتات منه ، تلتحق بالعمل بضيعة أحد الأثرياء وهناك تفتن بابنهم ، تسحبها اللذة حتى تحمل منه فى أحشائها وعندما تصل إلى هذه المرحلة تبدو كل الأمور على حقيقتها ، تفر هاربة وكل خلفت وراءها قطعة منها ...

تنقلها الحياة بعيدا فتجد نفسها فى وسط لم تتخيله ومنوط بها دورا لم تحلم به حتى الوطن صار له معنى أخر ومكانا أخر ...

عبر سلسلة من الرسائل التى ترسلها " ليديا ستون " الى " هنرى " لن تعرف كنته إلا بعد انتصاف الأحداث ولن تعرف مصيره إلا عند اقتراب نهايتها ، رسائل لم يقدر لمن ارسلت إليه أن يقرأها ولكنها سلمت لأخر تتبعها وفك خفاياها فى اطار عمله المكلف للقيام به .

سفر عبر المدن ، الزمن ، الأحداث والأشخاص ، ينقل لنا شيئا من خفايا القصر وكيف يتجسس أولئك الذين بالخارج عن كل شئ بالداخل وكيف يختارون الذين يجندونهم للقيام بتلك المهام ، ستصطدم بشئ من التاريخ العثمانى وشئ عن معركة أم درمان بالسودان ، ستلتقى عرابى ، سعد زغلول ، محمد فريد ومحمد عبده ، ستتجول فى لندن وباريس والقسطنطينية ومصر ...

ستعرف كثيرا من الخبايا وستنهار أمامك جدران مما خفى عنك ، سيحيرك فعل الهوى بمدمنيه وستعلم الفرق بين أن تعشق ابن لورد وأن تعشق عبدا سودانيا ....

صفحات سطرت ببراعة ولغة سهلة شيقة وأسلوب أسر وحبكة أجيد ربط خيوطها .....



صنايعية مصر " الكتاب الثانى "

 

تمنيت عندما انتهيت من قراءة كتاب صنايعية مصر فى جزئه الأول أن يصدر عنه جزء ثانى والآن أتمنى أن يواصل الرائع عمر طاهر هذا العمل الموسوعى بأسلوبه السلس واختياراته الموفقة وإننى أدعى أنه لو لم يكتب غير ذلك العمل لكفاه أن يُخلد به اسمه مثلما فعل هو بكل من سجل شيئا من سيرهم فى هذا الكتاب بجزئيه وما قد تتوالى من أجزاء أخرى ، تعب وجد واجتهد وتحمل مشقة كبيرة فى سبيل إخراج هذا العمل فى هذا الثوب الرائع ، تكاد الصفحات تقطر عرقا وتشى إليك حروفها بما تحمله كاتبها من مشقة فما بالك بسيرة أولئك الذين تحكيهم ورغم قلة المصادر والمعلومات التى تثنى له الوصول إليها إلا أنه تمكن بتوفيق من الله أولا ثم جده واجتهاده وإخلاصه لعمله وإيمانه بمشروعه ومعرفته بقيمة هذا العمل أن يخرجه فى هذا الثوب المبهج .

كتاب زاخر بالمعلومات ، ثرى بالحقائق ، ينقل لنا بسرد ماتع وأسلوب سهل شيق موضوعات منتقاة بعناية وزعت فى الكتاب الثانى بين ثلاثة عشر فصلا تساقطت من عينى العبرات فى ختامها وحصار " 101 يوم " لمدينة السويس وكفاح وفدائية أبطالها نساء ورجالا وأطفالا ...

كل حلم ممكن مادام لديك الإيمان بقدرتك على تحقيقه ، سير الذين خلدهم الكتاب خير دليل على ذلك فربما بعضهم تعرض لظلم من أولئك الذين كادوا لهم سوءا بدافع الغيرة أو الحقد أو الكبر وكل أمراض النفوس البشرية ولكن قطعا لن يُذهب الله أعمالهم وسعيهم سدىً ..

تبدأ الحكاية مع قصة رجل أهملته كتب التاريخ "صنايعى التكييف ومبردات كولدير" ، ومرورا بأول من أدخل الأفلام الهندية الى مصر ثم التأميم وما ترتب عليه وكل فصل أتبعه بصور خاصة للأشخاص أو الأحداث التى وردت به أو بعضا مما كتب أو نشر عنها .

لا أريد أن أفسد عليك قرائتك لكن ما يدور بذهنك ستجده وما لم يرد بخلدك أيضا ستجده ، أول من أدخل الكوتشى ومنتجات شركة البلاستيك الأهلية ، ورنيش الكرة وصنايعية الجوارب والفانلات ، الشيبسى والوجبات الشعبية وحتى المناديل الورقية ، السيارات والأدوية ، المقاولات والانشاءات ، الاذاعة ونجاحاتها ، القرأن الكريم ، المسلسلات والبرامج الدينية ، محو الأمية ، البرامج الصحية وحتى الطهى لم يغب عن الكتاب .

بعض من سير أولئك الذين ساهموا فى صناعة هذا الوطن وتسطير صفحاته حتى خرجت علينا داليدا " حلوة يا بلدى "

فى انتظار الجزء الثالث فقطعا هناك الكثير لم يكتب بعد ! .